ظهرت مؤسسات ضمان الودائع في كثير من الدول أثر الأزمات المالية التي تعرضت لها المصارف وزادت أهمية ضمان الودائع مع بروز دور الجهاز المصرفي في كل بلد بالصدارة في النشاط المالي والاقتصادي فضلاً على اعتماد المصارف على الودائع كمصدر أساسي للتمويل مقارنة بمواردها الذاتية ولهذا ظهرت اهمية إنشاء مؤسسات لضمان الودائع.
وعليه يمكن ان يعرف نظام ضمان الودائع على أنه نظام لحماية صغار المودعين بالعملة المحلية للدولة من مخاطر افلاس البنوك او توقفها عن الدفع للمودعين خصوصاً اذا ما كانت الدولة ذات منظومة جهاز مصرفي هش معرض لكثير من الأزمات سواء السرقة او الاختلاس او فرض الوصايا على المصارف بسبب تعثرها او انهيارها واعلان افلاسها من قبل المحكمة المختصة.
ويمكن تعريف نظام الودائع على انه نوع من أنظمة التامين الذي تتجمع فيه المؤسسات المالية مع بعضها البعض لتأسيس مؤسسة لضمان الودائع حيث تقوم هذه المؤسسات المالية (الاعضاء) بوضع السياسة الخاصة في النظام وذلك بحكم انهم من يقومون بالدفع للنظام وتمويله وفي حالة اذا ما تعرض احد اعضاء هذا النظام الى ازمة مالية أدت الى اعساره وافلاسه فأن هذا النظام سرعان ما يتدخل في ايجاد الحل المناسب ويقوم بتمويل تكاليف هذا الحل ويقوم بالدفع للمودعين اذا لزم الامر كما هو في فرنسا ودول الاتحاد الاوربي.
وتتلخص فكرة ضمان الودائع في ان يقوم كل بنك بدفع قسط ضمان يحتسب بنسبة معينة من اجمالي الودائع لديه الى شركة ضمان الودائع وفي حالة تعثر البنك في رد الودائع لأصحابها تقوم الشركة بتعويض المودعين بنسبة من المبالغ المؤمن عليها لديها.
ان الهدف من انشاء شركة لضمان الودائع المصرفية هو زياده الثقة في المؤسسات المالية والمصرفية والنظام المالي ككل وتحقيق الاستقرار لهذه المؤسسات وتجنب ظاهرة الاكتناز من خلال زيادة هذه الثقة وزيادة المنافسة بين المؤسسات المالية على جذب الودائع وتقديم خدمات مصرفية افضل وذلك من خلال خلق المنافسة بين البنوك على مختلف احجامها وفي حالة عدم وجود هذا النظام تكون البنوك الكبيرة اكثر أمانا" من البنوك الصغيرة ، والبنوك الاجنبية تعد ايضا اكثر أمانا من البنوك المحلية وعليه فأن وجود نظام ضمان الودائع يقلل من هذه الفروقات وخصوصا من ناحية المخاطر .
وان من أهم مميزات نظام التأمين على الودائع أنه نظام يشمل الاشخاص والمؤسسات المودعة أموالها في المصارف وهذا النظام لا يستهدف بالضرورة الربح من الجهة الضامنة وانما الهدف هو تعزيز الثقة للمودعين في القطاع المصرفي ويعمل هذا النظام ايضا" على اساس حماية الطرفين الجهاز المصرفي من جهة والمودعين من جهة اخرى وعدم تعرض الطرفين لأي مخاطر مالية بما يضمن استقرار الجهاز المصرفي وبالتالي استقرار الوضع الاقتصادي والمالي للبلد لان استقرار الجهاز المصرفي والمالي ضروري لانسياب النشاط الاقتصادي الحديث لان اي فشل في اداء الجهاز المصرفي له عواقب اقتصادية واجتماعية ففي حالة خسارة المجتمع من فشل اي مصرف خاص اكبر من الخسارة الخاصة التي قد تصيب بعض الافراد فعندما تنهار شركة ما لا يؤثر بالضرورة على الموقف المالي للشركات الاخرى في نفس الصناعة التي توجد بها تلك الشركة لكن عندما يفقد الناس الثقة في جزء من القطاع المصرفي فأن فقدان الثقة ينتشر الى اجزاء اخرى من الجهاز المصرفي بالنظر الى التشابك والتداخل بين اجزائه .
وكذلك يعتبر نظام ضمان الودائع نظام وقائي وعلاجي لا يعوض المودعين عن الخسائر الناتجة عن فشل مصارفهم فقط وانما يجب ان يطلع على الوضع المالي للمصارف ويقوم بتحليله ودراسة المخاطر التي تتعرض لها سواء كانت مخاطر داخلية (مثل مخاطر الائتمان –عجز السيولة –عدم كفاية راس المال- سوء الادارة) او مخاطر خارجية (الركود الاقتصادي، المخاطر السياسية والامنية) وهذا ما يساعد على وقاية المودعين من الخسائر التي قد يتعرض لها المصرف.
ان نظام ضمان الودائع المصرفية امر قديم في الممارسة كانت اول تجربة ظهرت في تشيكوسلوفاكيا حيث تعتبر اول الدول في تأسيس نظام ضمان الودائع عام 1924م حيث انشأت صندوقين احدهما صندوق الضمان الخاص لمساعدة البنوك المحلية والاخر صندوق الضمان العام لتشجيع الادخار وسلامة الودائع وتطويرها ثم تلتها الولايات المتحدة الامريكية حيث اصدرت اول تشريع يتعلق بتأمين الودائع المصرفية هو قانون مؤسسة ضمان الودائع المصرفية في عام 1933 م وظهرت بعدها في دول اوروبية اخرى , وبالنسبة للعالم العربي ظهرت اول تجربة لهذا النظام في لبنان عام 1967 م ومن بعدها مصر والسودان والاردن ودول الخليج العربي منها دولة البحرين التي انشأت مجلس حماية الودائع عام 1992 م وسلطنة عمان حيث صدرت قانون نظام تأمين الودائع المصرفية في عام 1995 م واستفادت دول عديدة بعد ذلك من تجربة مجال تأمين الودائع المصرفية.